إئتلاف العمل والانقاذ الوطني.. التحضر في زمن التخلف

من طرف العصائب 2009-11-04, 11:50 am

للأسف يميل البعض الى تناول مفردة السياسة من خلال ارتباطها المقيد والضيق بقيادة الدولة لمؤسساتها السياسية أو من خلال ارتباطها بأسماءٍ ورموز تركت لها أثرا معينا في توجيه سياسة الدولة بالسلب أو الإيجاب. ومن هنا نجد أن السياسة الحقيقية بمفهوم مفردتها تعني كيفية تعاملنا مع الاحداث المحيطة بنا والتي تؤثر فينا بشكل مباشر أو غير مباشر كون أن كل ما نفعله ونُقدم عليه هو سياستنا في التعامل. ونحن في معشر الرياضة العراقية والأوربية والذين لازلنا نستظل بخيمة العراق ندرك تماماً أن لنا رؤية واضحة المعالم اتجاه مايدور على الساحة السياسية العراقية وخصوصا ما يتعلق منها برؤيتنا لهذا الكم الهائل من الأحزاب والقوائم والمنظمات والتآلفات التي تتصارع بشكل مشروع, أو غير مشروع, من أجل الفوز والظفر بمقدٍ برلماني مهما كان لونه ورائحته أو مهما كان بعده من منصة الرئيس.
إن محاولة تغطية الشمس بغربال لم تعُد هي السائدة حينما يتمحور الحديث حول مدى قدرة الناخب العراقي على الإختيار. هذا الناخب الذي عصفت فيه وتلاعبت به العديد من العوامل الخارجية الإقليمية والداخلية الوطنية والتي رمته على شواطيء الانتخابات بقرار واضح وخيار طامح ولكنه غير جريء واقل ما يُقال عنه أنه مسيَر وفقا لأجندات فكرية ودينية أو عشائرية. نحن اليوم نعيش مرحلة اذا قال الشيخ قالت العشيرة وإذا قال السيد المعمم قال الأتباع وإذا قال المتنفذ قالت الرعية. فهل فينا من ينكر هذا التأثير العشائري والديني والمالي المسيطر على قرار الناخب العراقي. اقول قولي هذا بعد أن وقعت طائعا مختارا على ربوة أدبيات قائمة إئتلاف العمل والانقاذ الوطني والتي وجدتها, وبعد مناقشتي للبعض من القائمين عليها, أنها تسبق زمنها كثيرا وتعدو أمام الواقع العراقي بخطواتٍ لاهثة مطمئنة من أجل إحداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي والبيئي لبلدٍ يزحف في رقيه وآليات تقدمه مثل سلحفاة الرمل. ويبدو لي الآن أن افكار وتوجهات هذا الائتلاف تشبه, في زمنه, الخطاب المتقدم الذي ألقاه أحد المسؤولين اليابانيين على الشعب الياباني وهم لازالوا يبحثون في انقاض مخلفات الهجوم الذري وذلك حينما وقف على انقاض احدى البنايات ليصرح بكل ثقة بأن اليابان ستحتل أميركا بعد عدة عقود من السنين. حينها أصيب الشعب بالدهشة وتوهموا أن الرجل مصاب بلوثة الحدث ولكننا اليوم نجد أن الاقتصاد الياباني يحتل أجزاء كبيرة من عجلة الاقتصاد الاميركي. والآن ماعلاقة هذا بذاك اي ماعلاقة الائتلاف بالنكبة اليابانية؟ العلاقة واضحة وهي أن اليابان ألقت سلاحها العسكري وتوجهت نحو بناء سلاحها الفكري والثقافي والتنموي بغية تحقيق طفرات نوعية وكمية في معدلات النمو والدخل الوطني وهو ما مكّنها بالتالي من تدويل راسمالها بالطريقة التي أدارت فيه عجلة تصدير منتجاتها كي تحتل اجزاء كبيرة من خارطة التصدير الأممي. الأئتلاف يتوجه بخطابه السلمي نحو بناء مستقبل العراق على الطريقة اليابانية وتحديدا من خلال بناء الانسان العراقي ذاته خصوصاً وأن الداعمين له والمنتمين إليه هم جلهم من الكفاءات الفكرية والأكاديمية القادرة على الانشغال بعملية بناء الانسان العراقي فكريا وثقافيا. ففي الوقت الذي يُغري فيه الآخر ناخبيه ومنتخبيه بالدفء المنزلي ورغد العيش الأزلي نجد أن قائمة الأئتلاف تدعو ناخبيها وجماهيرها الى الاصطفاف من أجل الحصول على فكرة أو رؤية تشد من ثقافتهم الانسانية وتدعم توجهاتهم البشرية وتحررهم بالتالي من السلطات الوضعية الثلاث بغية الوصول الى القرار والاختيار الوطني السليم من غير ندامةٍ أو نديم. اعترف بأني لست منهم ولا عليهم, كوني لا أملك حق الانتخاب, ولكني مع عراقيتهم.